الجمعة، 11 مارس 2022

دعوة الحق الإسلامية برأس البرمحافظة دمياط وعنوان خطبة اليوم(وَلْيَعْفُوا وليَصْفَحُوا) . بحث ودراسة بقلم حسين نصر الدين

 أضواء ٌ على خُطبة الجُمْعَةِ : اعتلى المنبر اليوم الجمعة الموافق 11/03/2022 الشيخ الكريم الأستاذ/ رزق عبد المجيد ، بارك الله فيه بمسجدِ دعوة الحق الإسلامية برأس البرمحافظة دمياط وعنوان خطبة اليوم(وَلْيَعْفُوا وليَصْفَحُوا) .

بحث ودراسة بقلم حسين نصر الدين : النصوص(آياتٌ قرآنيةٌ وأحاديث شريفة) من مصادِرِها الأصيلة . .
الخطبة واقعٌ حيٌ مما ذكره الشيخ الكريم على المنبر وقمتُ بالصياغةِ والتعليقِ بقلمي :
(وَلْيَعْفُوا وليَصْفَحُوا) : بمناسبة رفعِ الأعمال إلى الله عز وجلَ في شهر شعبان المبارك :
من منا لا يسعى من أجل عفو الله ومغفرته، إذا أردت أن يحقق الله أمنيتك ينبغي عليك أن تحقق هذا الخلق في حياتك وواقعك، وأسرتك ومجتمعك ، إنه العفو والصفح ،يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ التغابن: 14 ويقول سبحانه وتعالى: ﴿فَمَن عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ الشورى: 40، ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ النور: 22.
قال المفسِرُون أنَّ : هذه الآية نزلت في الصدِّيق ، حين حلف ألا ينفع مِسْطَح ابن أُثَاثة بنافعةٍ بعدما قال في عائشة ما قال في حادثة الإفك ، فلما أنزل الله براءةَ أمِّ المؤمنين عائشة ، وطابت النفوس المؤمنة واستقرت ، وتاب الله على مَن كان تكلَّم من المؤمنين في ذلك ، وأُقيم الحدُّ على مَن أُقيم عليه ، شَرَع تبارك وتعالى ، وله الفضل والمنة ، يُعطِّفُ الصدِّيق على قريبه ونسيبه ، وهو مِسْطَح بن أثاثة ، فإنَّه كان ابن خالة الصديق ، وكان مسكينًا لا مال له إلا ما ينفق عليه أبو بكر، رضي الله عنه ، وكان من المهاجرين في سبيل الله ، وقد تاب الله عليه منها ، وكان الصديق رضي الله عنه معروفًا بالمعروف ، له الفضل والأيادي على الأقارب والأجانب . فلمّا نزلت هذه الآية إلى قوله : ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ النور: 22 ، فكما تغفر عن المذنب إليك نغفر لك، وكما تصفح نصفح عنك. أي: فإنَّ الجزاء من جنس العمل ، فعند ذلك قال الصديق : بلى والله إنَّا نحبُّ يا ربنا أن تغفر لنا . ثم رَجَع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة ، وقال: والله لا أنزعها منه أبدًا ، في مقابلة ما كان قال : والله لا أنفعه بنافعة أبدًا، فلهذا كان الصديق هو الصديق رضي الله عنه وعن إبنته عائشة الصديقة بنت الصديق . يا لها من عظمة ! الصديق يعفوا عن من؟! يعفو عن من خاض في عرضه بعد أن تاب إلى الله ، بل ويرجع من جديد يتصدق عليه ، يا له من عفو! إنه عفو العظماء . فالعفو بابٌ رفيع للفوز بالجنان ونيل رضا الرب الرحمن؛ قال الله تعالى : ﴿سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ  الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ آل عمران: 133-134. يقول رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُؤوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؛ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ" رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
وأهل العفو هم الأقرب لتحقيق تقوى الله جل وعلا؛ قال الله تعالى: ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ البقرة: 237. قال ابن عباس: أقربهما للتقوى الذي يعفو العفو والصفح باب عظيم من أبواب الإحسان؛ قال الله تعالى: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ المائدة: 13. وكما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا" أي أن العفو لا يزيد صاحبه إلا عزاً ورفعةً وسموَّ قدرٍ في الدنيا والآخرة . فمن عفا عفا الله عنه ، ومن صفح صفح الله عنه ، ومن غفر غفر الله له ، ومن عامل الله فيما يحب ، وعامل عباده كما يحبون وينفعهم ، نال محبة الله ومحبة عباده ، واستوثق له أمره أي أنَّ الجزاءَ من جنسِ العملِ . وقال تعالى: ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ الشورى: 37. قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: (أي : سجيتهم وخلقهم وطبعهم تقتضي الصفح والعفو عن الناس، ليس سجيتهم الانتقام من الناس) . عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله! كم نعفو عن الخادم؟ فصمت! ثم أعاد عليه الكلام ، فصمت! فلما كان في الثالثة ، قال: "اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة" رواه أبو داوود والترمذي .
وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ (وللحديث رواية أخرى لعبد الله بن عمر رضي َ الله عنهما قال : كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:(يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى ، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ:إِنِّي لَاحَيْتُ أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ . قَالَ نَعَمْ قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثَ فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ شَيْئًا ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَبَّرَ حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا . فَلَمَّا مَضَتْ الثَّلَاثُ لَيَالٍ وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ قُلْتُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ وَلَا هَجْرٌ ثَمَّ ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ : (يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ فَأَقْتَدِيَ بِهِ ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ ، قَالَ : فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي فَقَالَ : مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ ؛ غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيق ُ .
أثرُ العفو والصفح على الفردِ والمجتمع (كلمة ٌ خاتمة ٌ) : في العفو رحمةٌ بالمسيء ، وتقديرٌ لجانب ضعفه البشري ، وامتثالٌ لأمر الله ، وطلب لعفوه وغفرانه ، وتوثيقٌ للروابط الاجتماعية التي تتعرض إلى الوهن والانفصام بسبب إساءة بعضهم إلى بعض ، وجناية بعضهم على بعض وسبب لنيل مرضات الله سبحانه وتعالى ، وسبب للتقوى وبالعفو تُنال العزة ، والعفو والصفح سبيل إلى الألفة والمودة بين أفراد المجتمع في العفو والصفح الطمأنينة، والسكينة، وشرف النفس. بالعفو تكتسب الرفعة والمحبة عند الله وعند الناس .عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا كان يوم القيامة نادى مناد يقول: أين العافون عن الناس؟ هلمّوا إلى ربكم ، وخذوا أجوركم ، وحق على كل امرئ مسلم إذا عفا أن يدخل الجنة" . وقال تعالى: ﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ  وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ الشورى: 36-37 . أحسنَ الشيْخ ُ وأجاد وبارك الله فيه وفي مُتابعتكم لأضواء على خطبةِ الجمعة .
قد تكون صورة لـ ‏‏شخص واحد‏ و‏نص‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق