السبت، 12 مارس 2022

المرأة من هي // بقلم الكاتب : محمد توفيق ممدوح الرفاعي


 المرأة من هي

محمد توفيق ممدوح الرفاعي
كان ينظر إلى الأفق عبر الشرفة حينما فاجأته وهي تساله من هي المرأة ؟ لقد تحدثنا كثيرا عن الحب والرجل والأسرة ولكن هل تستطيع أن تقول لي من هي المرأة .
اعتدل في جلسته وهو ينظر اليها وقد أخذته الدهشة من سؤالها ورد عليها متسائلا وهو يبتسم لها المرأة ! ماذا تعنين ؟
ردت عليه محتدة نعم المرأة من هي المرأة بوجه نظرك ؟
ابتسم لها وهو يعبث بخصلات شعرها وقال : المرأة يا عزيزتي هو ذلك المخلوق الإلهي الرقيق الجميل الذي جعل الله قوته في ضعفه والذي يستطيع أن يحتوي كل المعاني الجميلة والعواطف النبيلة , والذي خلقه الله ليكون النصف الأخر للرجل ونداً مكافئا له وجعل من أنوثتها محط عشقه لها ليجعلها في ظله وتحت جناحه يقيها حر الشمس ويدفئها في البرد القارص واكل اليهما مهمة استمرار البشرية وإعمار الأرض , وهي الخصب والعطاء والنماء والحب والحنان والعواطف التي لا تنتهي والسمو ونكران الذات فهي الامتداد الإنساني الاستمراري للبشرية التي تبدأ ببناء أساس الأسرة التي تعتبر اللبنة الأولى في تكوين المجتمع حتى وان كان مجتمعا ذكوريا بامتياز وهي الوعاء الحاضن الذي تنضوي فيه كل القيم الأخلاقية والاجتماعية والتربوية ، إنها ذلك الجندي المجهول الذي يضحي ويعطي بلا حدود بصمت لا تنتظر جزاء ولا شكورا كالنجوم تضيئ لتنير الكون .
فردت محتدة كيف ذلك ولا زال المجتمع يعتبرها غير مكتملة ومهمتها تنتهي بوجودها في المنزل .
فرد موضحا اسمعي عزيزتي كلما صلحت المرأة صلح المجتمع بأكمله وكلما كانت شخصيتها قوية وذات ثقافة ووعي وادراك اصبح المجتمع متماسكا معطاًء وقدم للإنسانية الحضارة الراقية بأنجابها أجيالا مثقفة واعية ذات قيم سامية . وعلى الرغم مما مرت به عبر التاريخ من تخلف وجهل ابخس المرأة قيمتها وسلبها حقها الإنسانية والاجتماعية إلا انه كانت لها حصة ريادية في هذا العطاء على كافة الأصعدة والمجالات العلمية والثقافية والاجتماعية والقيادية و قدمت الكثير الكثير وفي تاريخنا القديم قبل عصر جاهليتنا الجديدة التي نعايشها هناك شواهد كثيرة على أهمية المرأة ودورها الاجتماعي والريادي وتنظر لها نظرة الند للند حيث أثبتت وجوديتها في مجالات عدة وأثبتت أنها شريكة الرجل في حمل مسؤولياته وهناك الكثيرات ممن ذكرهن التاريخ بحروف من ذهب وعلينا أن لا ننسى أن كافة الرسالات السماوية أعطتها ما أعطت للرجل وحملتها مسؤوليات كاملة فكان منهن مناضلات قياديات وملكات وأديبات وطبيبات تشرف التاريخ بهن
فاحتدت مستنكرة ليس كل هذا صحيحا فلا زال هناك الكثير من القوانين والتشريعات والافتاءات تلحقها بالرجل وللرجل فقط تجعلها تابعا له وهي كالمتاع وللإمتاع .
فرد قائلا مؤكدا لها نعم ولكن وبكل اسف وبسبب تفكك مجتمعاتنا وانتشار الجهل والأمية والفقر وطغيان بعض الأشخاص ممن اتخذن من سلاح الجهل معاول يهدمون فيها كل القيم الإنسانية والاجتماعية ليتمكنوا من السيطرة على عقول الناس وتسخيرهم لخدمتهم فاستحدثوا القوانين بما يخدم مصالحهم فحرفوا كل القواعد الأخلاقية والاجتماعية وحتى العلمية عن مسارها الصحيح وسخروا الأديان ومن خلال بعض الخبثاء مما يدعون بانهم رجال الدين ومن كافة الأديان السماوية والوضعية والأديان منهم براء الذين يلهثون وراء المنفعة والمصلحة الخاصة الذاتية مستغلين الجهل الذي حل بالمجتمعات فاستصدروا الفتاوى وصبغوها بالشرعية ليجعلوا من قوانينهم قوانين الهيه واستطاعوا بمساعدة الاستعمار تكريس هذه القواعد فساعدهم في تضييق الخناق ليضمن سيطرته على الشعوب ومقدراتها عن طريق هؤلاء المتألهين وكان للمرأة النصيب الأكبر منها فانهارت مكانتها بإبعادها عن الساحة الاجتماعية والعلمية والطبيعية فضيقت عليها الخناق لتجعل منها سريرة فراش أو كالمتاع في ركن المنزل أو جواري للخدمة فراجت تجارة الرقيق إمعانا في إزلالها وانتهاكا لعزتها وكرامتها وابتدعت أعرافا وتقاليد لتعود بها إلى عصور جاهلية الجاهلية لكنها حتى وان كانت مغفلة ومهمشة لم تنسى دورها الذي تؤديه وان كان أحيانا من خلف الكواليس وخلف الجدران العالية متحدية هذا المجتمع الجاهل . ولذلك فكلما كان المجتمع منفتحا ومتطورا ويهتم برعاية وتوعية المرآة كان دورها اقوى واشمل وينعكس إيجابيا على الأسرة خصوصا وعلى المجتمع عموما حتى أن المجتمع المثقف والمتطور لم يكن كذلك لولا ذلك الدور الذي كانت تؤديه والذي يتصف بالوعي الشامل ويأخذ صفة الريادة والقيادة والتوجيه حيث انه بالأصل هي من كان ممسكا بزمام المبادرة ومتفاعلا مع التطور المحتوم للمجتمعات حتى أننا لو القينا نظرة على مجريات الأحداث في التاريخ كثورات التحرر من العبودية أو الاستعمار كانت المرآة في المقدمة وفي واجهة الأحداث والمحرك لها حتى وان لم تكن ظاهرة على الساحة كانت تدير الآمور من خلف الرجال الذين امنوا بحقها وتبنوا قضيتها الحتمية التاريخية وشاركوها قضاياها وهؤلاء الرجال حتما كانت لهم أمهات زرعن فيهم القيم والأخلاق ومبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية وهذا يعني أن الحتمية التاريخية للمجتمعات هي التساوي بين الجميع طبقيا واجتماعيا ذكوريا وأنثويا ومن هنا نرى أن الأم هي العطاء الدائم والتضحية اللا محدودة فكلما كان المجتمع مثقفا منفتحا كان عطاؤها افضل وانجع واشمل .
فانفرجت أساريرها وابتهجت وقالت لقد أثلجت صدري بعد أن كنت مكتئبة وأدخلت الارتياح إلى نفسي ولكن هل تستطيع أن تقول لي كم من النساء يتواجدن في حياة الرجل ؟
فاخذ بيدها وهو يقول لو نظرنا ضمن أية أسرة لوجدنا أن هناك ثالث نساء في حياة أسرة وكلهن أمهات وبالتالي هن في حياة الرجل .
أما الأولى فهي الأم الوالدة الكبرى وهي المرآة التي اختارها الرجل لتكون أما لأولاده والتي تفخر بهم ويفخرون بها فعندما يكون الرجل مثقفا متفهما ومنفتحا وعلى قدر من المسؤولية يستطيع اختيار الشريك المناسب لحياته ويحسن معاملتها ليكونان معا أسرة سليمة ذات بنية قوية ينجبان أبناء أصحاء يبنون المستقبل وهنا على الابن أن يشكر والده على حسن الاختيار بان اختار له أما يفتخر بها وان يتواضع لها لأنها تحملت من أجله الكثير الكثير وزرعت فيه القيم والأخلاق الحميدة . أما الأم الثانية فهي الزوجة عندما يكون الابن نتاج أسرة مثقفة واعية فبالتأكيد سينهج نهج والده ويختار شريكا لحياته وأما لأبنائه ليبني أسرة جديدة سعيدة, وهنا أنوه ما للعاطفة والحب فهما مكونان أساسيان للمجتمع السليم المتعلم والمنتج و هنا يأتي الدور الأعظم وهو أن يعامل الرجل زوجته معاملة إنسانية ويتساوى معها في الحقوق والواجبات وتحمل المسؤولية ويمنحها الحب والاحترام الواجب لها والثقة المعقلنة تكون قد أدى بعضا من واجباته لوالدته وهي ما يجب لأم المستقل والتي سينجبها هو ألا وهي أبنته فعندما تحترم الزوجة شريكة الحياة تحترم الوالدة وعندما نحيطها بالحب والرعاية تحيط أيضا بها الأم . آما الأم الثالثة فهي الأم المستقبلية التي سيكون لها الدور القادم في المستقبل ألا وهي الابنة التي أدخلت الفرح والسرور حين أتت إلى الحياة الدنيا . فعلينا أن نحيط الابنة بالحب والرعاية والحنان ونهيئ لها الأجواء الصحية والتربية الأخلاقية نكون قد أسهمنا في بناء المستقبل لنا ولأسرنا وللمجتمع فعندما نقوم برعاية وتعليم بناتنا وإعطاءهم الثقة بأنفسهن ومساعدتهم في الاختيار الصحيح نكون قد أنجزنا الكثير في عملية بناء المجتمع المتطور المتمدن المتعلم فكم من الأديبات والطبيبات والسياسيات قد رفعن من شأن أسرهن ومجتمعاتهن واسهمن في التحرر ليس من الجهل فقط فكن مناضلات شرسات مرغت أنوف المستعمرين في التراب وساهمن أيضا في رفد المجتمع بأمهات للمستقبل مثاليات قادرات على بناء اسر سليمة معافى . هؤلاء يا عزيزتي النساء الثلاث في حياة الرجل هن الأمهات الثلاث الوالدة والزوجة والابنة ألا يستحققن منا كل محبة وامتنان الأولى آتت بنا إلى الدنيا وتحملت من أجلنا الكثير والثانية التي تخلت عن أهلها واختارت أن تشارك زوجها حياتها والثالثة التي أدخلت الفرح والبهجة لبيت والديها وملأت أركان البيت مرحا وسعادة . وسأنهي كل ذلك بحكمة جميلة اذكريها عني أوجزها بكلمات بسيطة المرآة خصوبة ونماء وحب وعاطفة والأم عطاء بلا حدود والزوجة شراكة وجود والابنة سعادة وحبور
محمد توفيق ممدوح الرفاعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق