السبت، 26 مارس 2022

مــوســـــــــــيـقى الشـــــــــــعـر العــربــــــــــــــي ) . بقلم : د. فالــــــــح الكيـــــــــــــلانــي


 (   مــوســـــــــــيـقى  الشـــــــــــعـر العــربــــــــــــــي   )

.

بقلم :  د.  فالــــــــح  الكيـــــــــــــلانــي

.

من المعلوم  وجد الشاعر العربي نفسه قديما وحديثا خاضعا للقيود الشعرية ابتداءا من البيت الشعري الواحد و سياقه الهندسي فالشاعر الحديث او المعاصر  ربما  يسعى إلى بناء وايجاد موسيقى شعرية جديدة تتفاعل مع التطور الزمني من دون ان تهدم الأصول الموسيقية الموروثة، بل كان غرض الشاعر من ذلك أن يتحرر من بعض القيود الشعرية و بالقدر الذي يتيح له فسحة من الحرية و بما يسعفه في التعبير عن عواطفه و أحاسيسه في تخيلات شعرية في اطار الفكرالناضج . واماله . وما تشخص اليه نفسه ويأمل ان يحصل على قدر معين من هذه الحرية التي تمتع بها و قد أتاح له أن يطوع تلك الحالة الى ما يشبه القوانين وأن يطورها يضيفها إلى الخصائص الجمالية للبحور الشعرية العربية التقليدية الستة عشر الثابتة ، واضافة امور و خصائص جمالية أخرى تستمد أصولها من التطور الذي أصاب او يصيب مستقبلا المضامين الشعرية نفسها. حيث سيحقق تطورات في الاطار الموسيقي للقصيدة الشعرية .

.

لذا بدأ  بعض شعراء المعاصرة ممن يكتبون  في شعرالتفعيلة او في قصيدة النثر بالثورة على القيود الشعرية المتوارثة واولها تجاوز نظام الشطر والعجز في البيت الواحد وبهذا خلقوا شعرا حديثا او معاصرا باشكال جديدة وهيكلية غير الهيكلية المورثة بحيث  بدل  الشطر الشعري الى السطر الشعري و قد يطول او يقصر هذا السطر بحسب ما يتضمن من نسق شعوري أو فكري. أي تحول بادئ ذي بدء من شعر البحور الشعرية في البيت الشعري الى شعر التفعلية في الشعر الحر الجديد بالتزام السطر و طول هذا السطر قد يتراوح ما بين تفعيلة واحدة الى تسع تفعيلات وهذا  تكرار لتفعيلة  البحر الواحد وهو اطول نفس فيها .

.

ا ن التفعيلات في الشعر العربي والتي تمثل موسيقى الشعر العربي  كانت اعدادها وانواعها تختلف من بحر الى اخر وتخرج من دوائر عروضية متقاربة او مختلفة عن بعضها في ستة عشر بحرا كما اثبتها  عالم  اللغة والشعر  احمد الفراهيدي البصري رحمه الله وقد ظل الشعراء ينظمون فيها قصائدهم طوال كل العصور الماضية وحتى العصر الحديث ولا يزال كل الشعراء ممن التزم الشعر العمودي او التقليدي ينظمون في هذه البحور . بينما التزم شعرا ء الشعر الحر او شعراء شعر التفعلية بستة بحور من البحور الفراهيدية وهذه البحور هي:

الكامل : وتفاعيله ( متفاعلن – متفاعلن – متفاعلن )

الهزج: وتفاعليه ( مفاعلين – مفاعلين –مفاعيلن )

الرجز : وتفاعيله ( مستفعلن – مستفعلن – مستفعلن )

الرمل : وتفاعيله ( فاعلاتن – فاعلاتن – فاعلاتن )

المتقارب: وتفاعليه ( فعولن – فعولن - فعولن )

والمتدارك: تفاعيله ( فاعلن – فاعلن – فاعلن )

.

لكن الفارق بين استخدامات شاعر العمود وشاعر التفعلية ان الاول يلتزم بالتفاعيل كاملة في شطر البيت وعجزه  او مجزوئها – أوهو انقاص تفعيلة واحدة من كل من الشطر والعجزاو استخدام شطر واحد في كل قصيدته وهو  ما  يسمى (المنهوك )  وبهذا  تكون الموسيقى الشعرية في الصدر والعجز في القصيدة العمودية  متساوية النغمات ومتناسقة الحركات بينما شاعر التفعلية لايلتزم بذلك فله الحرية المطلقة في النظم بتفعيلة واحدة او عدة تفعيلات مكررة  في السطر الشعري  الواحد وهو ما يماثل البيت الشعري في الشعر التقليدي او العمودي وهذا ما يمكن الشاعر الحديث شاعر التفعيلة ان يستخرج من البحر الواحد اكثر من نغم موسيقي من خلال الخلط بين البحور في داخل القصيدة الواحدة فتاتي الموسيقى الشعرية بانغام عديدة تتناسق فيما بينها وفقا لقابلية الشاعر الشعرية واللغوية وتمكنه من التمازج بين الحروف والالفاظ  بما  يجعله ياتي  بلفظ جديد في نغم جديد وربما يكتفي الشاعر بنغم واحد أي ان نظام التفعيلة الشعرية اكثر طواعية او مرونة من قصيدة العمود العمود .

.

ا لا اني اقول ان البحور الشعرية القديمة ( الفراهيدية ) تتوفر فيها انغام موسيقية

وا سعة فيما لو استغلت افضل استغلال من قبل شعراء العربية ككل منها تناغم الاضرب وتنويعها وتلوين النغم الموسيقي بحيث يعمد الشاعر الى توظيف تفعيلات معينة تعود لدائرة معينة او ضمن الدائر ة العروضية الواحدة دون الاكتراث بالقافية وربما دعى الامر الى          ا لاندماج بين البحور المتشابهة مثلا تفعيلات الرجز:

( مستفعلن\ مستفعلن \مستفعلن )

وتفعيلات السريع ( مستفعلن \ مستفعلن \ مفعولات)

المتقاربة جدا من بعضها . الا ان هذه الامور بحاجة الى دراسة من قبل ذوي الاختصاص ومن الشعراء والنقاد على حد سواء ووضع الصيغ الكفيلة بانجاحها وتكييفها بافضل ما تكون وبهذا نقدم تطورا جديد ا للغة العربية وادابها وللشعر وللشعراء وايجاد صيغ لنغمية الموسيقى الشعرية الجديدة . وقد سبق ان وجد مثل هذه الامور في الشعر العمودي في مسألة الخبب والزحاف وهي من امراض الوزن اذ اصبح وجودها في حشو البيت الشعري مقبولا لكثرتها في الشعر الحديث ومستساغا لدى اغلب الشعراء والمتلقين وبهذا يكون الشاعر قد حصل على اكثر من ايقاع نغمي جديد جراء استعمالهما او استعمال أي منهما .

.

وفي شعر التفعيلة تظهر دفقة واسعة او ضعيفة في حركة الافكار والمشاعر والاخيلة حسب امكانية الشاعر وقوته الشعرية في ذات الوقت بحيث تتجاوز ما رسم لها في البيت الشعري العمودي وتتجاوزه الى مدى اطول  ويظهر ذلك جليا في شعر نازك الملائكة التى ربما استعملت تفعيلة خماسية او ربما تساعية وهي اطول نفس في الشعر الحر او شعر التفعيلة .

.

اما في قصيدة النثر المعاصرة فان نغميتها تعتمد على امكانية ومقدرة الشاعر في ايجاد موسيقى معينة تتناغم مع ابياتها من حيث اختيار الالفاظ او الحروف للكلمة الواحدة او الكلمات المتقاربة او المتوازية ومجاورتها وتقاربها فيما بينها بحيث تكون ذات تعبير موسيقي جديد يتفاعل مع التغيير الجذري لهذه القصيدة  وقصيدة العمود الشعري مرورا بشعر التفعلية .

.

فالشاعر من استجابت له حركة الشعر في نغمية القصيدة فتاتي ساحرة تواقة يتذوقها الشاعر والمتلقي وتنساب الى نفسه وذهنه انسياب قطعة موسيقية راقصة جميلة .

امل ان افدت وهذه دعوة للادباء والنقاد والشعراء لايجاد افضل سبل التقدم في مجال نغمية الشعر وموسيقاه بما ينسجم مع التطور الزمني وحاجة الانسان العربي لمثل هذ ه الامور.

. لاحظ  مقالتي ( النغم والايقاع في الشعرالمعاصر  ) في كتابي (الموجز في الشعرالعربي ) الجزء الرابع المجلد الثاني  صفحة \ 683

.

اميرالبيـــــــــــــــان العربي

فالح نصيف الحجيـــة الكيـــــلاني

العراق- ديالى - بلـــــــــــــــدروز

********************************************


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق