الأحد، 27 فبراير 2022

سُورَة ُ الحجراتِ أوامرٌ ونواه ٍ: آدابُ سورةِ الحجراتِ(9 من 10) : بحثٌ وإعداد بقلم : حسين نصر الدين


 
خاطرة ُ الصباح : 27/02/2022 :

سُورَة ُ الحجراتِ أوامرٌ ونواه ٍ: آدابُ سورةِ الحجراتِ(9 من 10) : بحثٌ وإعداد بقلم : حسين نصر الدين . (النصوص القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة من مصادِرِها .
(سُورة ُ الحجراتِ سُورة ُ الأخلاقِ "باقي الأوامر والنواهي " :
ومن الآداب التي ذكرها الله تبارك وتعالى في هذه السورة الإصلاح بين المسلمين كما في قوله تعالى ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ الحجرات:9-10 ، قال ابن كثير:" يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الْبَاغِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾، فَسَمَّاهُمْ مُؤْمِنِينَ مَعَ الِاقْتِتَالِ . وَبِهَذَا اسْتَدَلَّ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْإِيمَانِ بِالْمَعْصِيَةِ وَإِنْ عَظُمَتْ ، لَا كَمَا يَقُولُهُ الْخَوَارِجُ وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِم ْ. وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ أَيْ: حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ وَتَسْمَعَ لِلْحَقِّ وَتُطِيعَهُ ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا)قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا نَصَرْتُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: (تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمَ ، فَذَاكَ نَصْرُكَ إِيَّاهُ) .لا أن ْ تُعينه على الظلم ِ أو تشجعه عليه أو تؤيده وتسانده كما نرى على الساحة الآن نُصْبَ أعيننا ، "وفي هاتيْن الآيتين من الفوائد: أن الاقتتال بين المؤمنين مُنافٍ للأخوة الإيمانية ، ولهذا، كان من أكبر الكبائر، وأن الإيمان ، والأخوة الإيمانية ، لا تزول مع وجود القتال كغيره من الذنوب الكبار، التي دون الشرك ، وعلى ذلك مذهب أهل السنة والجماعة ، وعلى وجوب الإصلاح ، بين المؤمنين بالعدل ، وعلى وجوب قتال البغاة ، حتى يرجعوا إلى أمر الله ، وعلى أنهم لو رجعوا ، لغير أمر الله ، بأن رجعوا على وجهٍ لا يجوزُ الإقرارُ عليه والتزامه ، فلا يصحُ ، وأن أموالهم معصومةٌ ، لأن الله أباح دماءهم وقت استمرارهم على بغيهم خاصةً ، دون أموالهم . ومن الآداب التي اشتملت عليها هذه السورة أن الناس ربما تقع بينهم بعض القبائح والتصرفات الذميمة فعالج الله هذه الصفات والقبائح وهي السخرية والاستهزاء وكذلك الهمز واللمز والتنابز بالألقاب ، والظن السيئ بالمسلمين وما أقبحه الظن السيئ ، ونهى عن التجسس ، والغيبة كما في قوله تبارك وتعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ الحجرات:11-12 ، يقول ابن كثير:"يَقُولُ تَعَالَى نَاهِيًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الظَّنّ ِ، وَهُوَ التُّهْمَةُ وَالتَّخَوُّنُ لِلْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ وَالنَّاسِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ ؛ لِأَنَّ بَعْضَ ذَلِكَ يَكُونُ إِثْمًا مَحْضًا ، فَلْيُجْتَنَبْ كَثِيرٌ مِنْهُ احْتِيَاطًا . فمن حقوق المؤمنين ، بعضهم على بعض ، أن ﴿لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ﴾ بكل كلام ، وقول ، وفعل دال على تحقير الأخ المسلم ، فإن ذلك حرام ، لا يجوز، وهو دال على إعجاب الساخر بنفسه ، وعسى أن يكون المسخور به خيرًا من الساخر، كما هو الغالب والواقع ، فإن السخرية ، لا تقع إلا من قلبٍ مُمْتلئٍ من مساوئ الأخلاق ، متحلٍ بكلِ خلقٍ ذميم ٍ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بحسب امرئ من الشر، أن يحقر أخاه المسلم).، ثم قال: ﴿وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ أي : لا يَعِبْ بعضُكم على بعض ٍ، واللمز: بالقول ، والهمز: بالفعل ، وكلاهما منهي عنه حرام ، متوعد ٌعليه بالنار. كما قال تعالى: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ الآية ، وسمي الأخ المؤمن نفسًا لأخيه ، لأن المؤمنين ينبغي أن يكون هكذا حالهم كالجسد الواحد ، ولأنه إذا همز غيره ، أوجب للغير أن يهمزه ، فيكون هو المتسبب لذلك . ﴿وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ﴾ أي : لا يُعَّيِرُ أحدُكُم أخَاهُ ، ويلقبه بلقبِ ذمٍ يكره أن يُطلقَ عليه وهذا هو التنابز، وأما الألقاب غير المذمومة ، فلا تدخل في هذا .
﴿بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ﴾ أي: بئسما تبدلتم عن الإيمان والعمل بشرائعه ، وما تقتضيه ، بالإعراض عن أوامره ونواهيه ، باسم الفسوق والعصيان ، الذي هو التنابز بالألقاب . ﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ فهذا هو الواجب على العبد ، أن يتوب إلى الله تعالى ، ويخرج من حق أخيه المسلم ، باستحلاله ، والاستغفار، والمدح له مقابلة على ذمه ." وقال ابن كثير: "وَقَوْلُهُ: ﴿وَلا تَجَسَّسُوا﴾ أَيْ : عَلَى بَعْضِكُمْ بَعْضًا. وَالتَّجَسُّسُ غَالِبًا يُطْلَقُ فِي الشَّرِّ، وَمِنْهُ الْجَاسُوسُ. وَأَمَّا التَّحَسُّسُ فَيَكُونُ غَالِبًا فِي الْخَيْرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّهُ قَالَ: ﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ يوسف: 87 ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الشَّرِّ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا) . وَقَوْلُهُ: ﴿وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ فِيهِ نَهْيٌ عَنِ الْغَيْبَةِ ، وَقَدْ فَسَّرَهَا الشَّارِعُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْغِيبَةُ؟ قَالَ : (ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ) ، قِيلَ : أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَال َ: (إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ) ."وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنَ النَّهْيِ عَنِ السُّخْرِيَةِ جَاءَ ذَمُّ فَاعِلِهِ وَعُقُوبَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ... ﴾ التوبة : 79 .
وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ الْكُفَّارَ الْمُتْرَفِينَ فِي الدُّنْيَا كَانُوا يَسْخَرُونَ مِنْ ضِعَافِ الْمُؤْمِنِينَ فِي دَارِ الدُّنْيَا ، وَأَنَّ أُولَئِكَ يَسْخَرُونَ مِنَ الْكُفَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا... ﴾ البقرة:212 ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ المطففين: 29-36 . فَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ رَأَى مُسْلِمًا فِي حَالَةٍ رَثَّةٍ تَظْهَرُ بِهَا عَلَيْهِ آثَارُ الْفَقْرِ وَالضَّعْفِ أَنْ يَسْخَرَ مِنْهُ ؛ بنص الآيات الكريمة ِ .ِ وقَوْلُهُ تَعَالَى : ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ ، أَيْ: لَا يَلْمِزْ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ . وكما في قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾الإسراء :9
وَقَدْ أَوْعَدَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا الَّذِينَ يَلْمِزُونَ النَّاسَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ الهمزة:1 ، وَالْهُمَزَةُ كَثِيرُ الْهَمْزِ لِلنَّاسِ ، وَاللُّمَزَةُ كَثِيرُ اللَّمْزِ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : الْهَمْزُ يَكُونُ بِالْفِعْلِ كَالْغَمْزِ بِالْعَيْنِ احْتِقَارًا وَازْدِرَاءً، وَاللَّمْزُ بِاللِّسَانِ ، وَتَدْخُلُ فِيهِ الْغَيْبَةُ . وَقَدْ صَرَّحَ اللَّهُ تَعَالَى بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ وَنَفَّرَ عَنْهُ غَايَةَ التَّنْفِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾، فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَبَاعَدَ كُلَّ التَّبَاعُدِ مِنَ الْوُقُوعِ فِي عِرْضِ أَخِيهِ ."وفي هذه الآية ، دليل على التحذير الشديد من الغيبة ، وأن الغيبة من الكبائر، لأن الله شبهها بأكل لحم الميت ، ونرى الكثيرين يأكلون لحم إخوانهم ميْتَة ً ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . وذلك من الكبائر" . وللحديثِ بقية إذا كانَ في العمرِ بقية ً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أجراس النذالة// بقلم الشاعر : علي أحمد أبورفيع

 أجراس النذالة قل وما آمنت يا أبا رفيع كرامة أردت ولم تجبك (إيماك) أمن الكرامةِ أن تُقبَّلَ أرجل عند (التوب) وينتفى الإحساسُ؟؟ كم منهم بالان...