السبت، 12 مارس 2022

قبسات ٌ من نور ٍ(الرجاءُ في القرآنِ بابٌ لطيفٌ)(8/10): بحث بقلم ِ:حسين نصر الدين


 خاطرة ُ الصباح : 12/03/2022 :

قبسات ٌ من نور ٍ(الرجاءُ في القرآنِ بابٌ لطيفٌ)(8/10):
بحث بقلم ِ:حسين نصر الدين . آياتُ الرجاءِ في كتابِ اللهِ عديدة ، بابٌ لطيفٌ من أبوابِ علومِ القرآن الكريم . تتمة ٌ: أولًا: أضاف اللهُ عزَّ وجلَّ العِباد إلى نفسه لقصْد تشريفهم ومزيد تبشيرهم ، فقال : (يَا عِبَادِيَ) ثم وصَفهم بالإسراف في المعاصي ، والاستكثار من الذّنوب ، ثم عقّب ذلك بالنهي عن القنوط من الرحمة لهؤلاء المستكثِرين من الذّنوب ؛ فالنهي عن القنوط للمذنِبين غير المسرِفين من باب الأَوْلَى ، ثم جاء بما لا يَبْقَى بعده شكٌّ ، ولا يتخالج القلبَ عند سماعه ظنٌّ ، فقال :(إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ) فالألف واللام قد صيّرت الجمع الذي دخلتْ عليه للصنفِ الذي يستلزم استغراق أفراده ، فهو في قوّة : (إن الله يغفر كلَّ ذنبٍ كائنًا ما كان) إلّا ما أخرجه النصّ القرآني ، وهو الشرك :{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} النساء: 48 . ثم لم يكتفِ بما أخبر عبادَه به من مغفرةِ كلّ ذنبٍ ؛ بل أكَّد ذلك بقوله :(جَمِيعاً) وما أحسن ما علّل سبحانه به هذا الكلام قائلًا: {إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}أي:كثير المغفرة والرحمة ، عظيمهما، بليغهما، واسعهما ، فلا يبخل بمغفرته ورحمته على عباده المتوجّهين إليه في طلب العفو. فمَن أبى هذا التفضُّل العظيم، والعطاء الجسيم، وظنَّ أن تقنيط عبادِ الله وتأييسهم من رحمته أَولَى بهم مما بشّرهم الله به ! فقد رَكِبَ أعظمَ الشّطط ! وغلط أقبح الغلط ! فإنّ التبشير وعدم التقنيط الذي جاءت به مواعيد الله في كتابه العزيز، والمسلك الذي سلكه رسوله صلى الله عليه وسلم .
أرجى آية في القرآنِ الكريمِ عند الإمام علي بن أبي طالبٍ رضيَ الله عنه وأرضاه ُ :
وعن عليّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنزل اللهُ عليَّ آية أرجى من قوله: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) الضحى: 5 (فذخرتها) لأُمّتي يوم القيامة . قال ابن عباس : «رضاه أن تَدْخُل أمّتُه كلُّهم الجنّة» ، وعن عبد الله بن عمرو، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم : تلا قولَ اللهِ عز وجل في إبراهيم :{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} إبراهيم: 36 ، وقال عيسى:{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} المائدة: 118 فرفع يديه وقال: «اللهم أُمّتي أُمّتي» وبكى! فقال الله تعالى: «يا جبريل، اذهب إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقل له : إنا سَنُرضِيك في أُمّتك ولا نَسُوؤك» . وقال أيضا ً : أرجى آية عند عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه):{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} الزمر: 53 ، وعنه أيضاً قال: «ما في القرآن أرجى إِلَيَّ من هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} النساء: 48 ، وقال : وعن عليّ رضي الله عنه قال:«ألَا أخبركم بأرجى آية في القرآن؟ قالوا: بلى، فقرأ عليهم: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}الشورى: 30 ، ثم قال: إذا كان يكفِّر عنِّي بالمصائب، ويعفو عن كثير، فماذا يَبْقَى من ذنوبي بين كفارته وعَفْوِه» وقال بعضهم: جعل اللهُ ذنوب المؤمنين صِنفين: صِنف كفَّره عنهم بالمصائب، وصِنف عفَا عنه في الدنيا، وهو كريم لا يَرْجِع في عَفْوِه، فهذه سُنّة الله مع المؤمنين. وعن الحسن قال: «دخلْنا على عمران بن حصين في الوجع الشديد، فقيل له: إنّا لنغتمُّ لك من بعضِ ما نرى، فقال: لا تفعلوا فوالله إنّ أَحبَّه إلى الله أَحبُّه إليَّ، وقرأ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} فهذا بما كسبَتْ يداي، وسيأتيني عفو ربي» .
وقال الشاعر: قَرَأْنَا فِي الضُّحَى وَلَسَوْفَ يُعْطِي ** فَسَرَّ قُلُوبَنَا هذا الْعَطَاءُ **
وَحَاشَا يَا رَسُولَ اللهِ تَرْضَى ** وَفِينَا مَنْ يُعَذَّبُ أَوْ يُساءُ **
وللحديثِ بقية ٌ إنْ كانَ في العمرِ بقية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق