الامثال في القران الكريم كتاب جديد قيد الطبع
.
بقلم .: د. فالح الكيـــــــــــلاني
. القسم السابع
6
بســـــــــــم الله الرحمن الرحيم
( يا ايها الذين امنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )
سورة البقرة :الآية\ 264
الحمد لله :
يخاطب الله تعالى المؤمنين فينهاهم ان لا يبطلوا اجر صدقات اموالهم ويضييع ثواب انفاق هذه الاموال . لان الله تعالى جعل لكل انفاق في وجوه الخير صدقة ويضاعفها اضعافا كثيرة حتى لتصل كما في المثل السابق الى ستعمائة ضعف ولكنه جعل هذا الاجر العظيم والثواب الكثير يذهب سدى ويضمحل الى درجة الصفر فيبطله الله تعالى كله في حالتين :
الاولى : اذا تبعه المن كأن تصدق المرء او انفق مالا ليقال عليه انه منفق وسخي كريم فيثني الناس عليه شأنه شان المنفق الكافر ينفق ماله مباهاة وطلبا للوجاهة بين الناس .
والثاني : اذا انفق المرء ماله ثم تبعه بالاذى ممن انفق عليه كأن يسمعه كلاما نابيا فيقول له ان لي فضلا عليك وان نعمتك بفضل ما انفقت عليك او تصدقت بمالي عليك او يؤذيه بقوله له كيف تجرؤ ان تتكلم معي وقد غمرتك بنعمتي وفضلي او مالي فينعكس ذلك الامر على نفسه ويؤذيه في نفسه .
فالصدقة المتبوعة بالمن او الاذى صدقة في ظاهرها ولكن في حقيقة الامر ان الله تعالى ابطل اجرها ورد ثوابها فلا يثاب المرء على ما ل انفقه او صدقة اعطاها ثم ا تبعها بالمن والاذى .
وقد ضرب الله تعالى لهذا الانفاق وحرمان المنفق من الاجر او الثواب بان هذا المال كمن يبذر بذرا او يغرس غرسا في ارض صخرية يظن انها صالحة للزراعة لانها تغطيها حفنات من التراب الصالح للزراعة او طبقة خفيفة فوق احجارها الملساء فيتصورها صالحة للزراعة والانتاج المثمر فاذا غرست هذه الارض ثم جاءها المطر سقط عليها وجرف التراب من فوق الحجر وبقي الحجر صلدا املسا لا يمكن ان ينبت فيه شيء ويكون هذا الزارع قد فقد تعبه وثمن ما غرسه في هذه الارض غير الصالحة للزراعة لانها صخرية متحجرة لاينبت فيها زرع ولم ينتفع منها احد ابدا .
وهكذا شأن من انفق ماله ثم اتبعه بالمن والاذى فاذا حل يوم القيامة انكشفت حالات هؤلاء المنفقين حيث لا يجدون ثوابا لانفاقهم وذلك لانه انفقوه عن سوء قصد وفساد نية في نفوسهم .فهم انفقوا اموالهم الا انهم ا تبعوا هذا الانفاق بالمن او الاذى وحتى رئاء الناس فهم ينفقون ليقول الناس عنهم منفقين فلا يثابون على انفاقهم . وقد ضيعوا ثواب نفقة اموالهم بالاساءة لمن انفقوا عليهم فلا يجزون شيئا ولا يكسبون ثوابا او اجرا لان الله تعالى اسقط هذا الثواب او الاجر فهم في حسرة وندم .
فلا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كما تبطل الصدقة عمن راءى بها الناس فأظهر لهم أنه يريد بها وجه الله تعالى . وبالحقيقة إنما يرغبه مدح الناس له وليقولوا كريما منفقا ذا نعمة وفضل على الناس أو ليشكره بعض الناس ونحو ذلك من المقاصد الدنيوية فيتوقع ان معاملته هذه للناس يريد بها وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه والله تعالى منع عنه الاجر والثواب في الاخرة .
ثم ضرب تعالى مثل ذلك المرائي بإنفاقه فالذي يتبع نفقته منا أو أذى فهو كمن غرس في صفوان وهو جمع( صفوانة ) فمنهم من يقول الصفوان يستعمل مفردا. أيضا وهو الصفا وهو الصخر الأملس قد يكون عليه تراب فيصيبه وابل وهو المطر الشديد فازاح عنه التراب فتركه صلدا أي ترك الوابل ذلك الصفوان صلدا أي أملس يابسا أي لا شيء بقي عليه من التراب بل ذهب كله . وكذلك أعمال المرائين او المنفقين ثم يتبعون انفاقهم بالمن والاذى يذهبون اجر اموالهم ويضمحل عند الله تعالى وإن ظهرت لهم أعمال يرونها صالحة فيما يرى الناس فهي كالتراب ازيحت بفعل المطر الشديد من فوق الحجر الصلب وتركته صلدا . فيما وقعوا فيه .
والله تعالى اعلم
**************************
7
بســـــــــــم الله الرحمن الرحيم
( وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ اصابها وابل فآتت اكلها ضعفين فان لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير )
سورة البقرة من الآيات \ 265
اما الذين ينقون اموالهم في سبيل الله قاصدين بانفاقهم اموالهم وجه الله تعالى وعمل الخير بتثبيت وايمان ويقين انفسهم وحصد الثواب ونيل الجزاء الاوفى يوم القيامة وليس لهم دافع او باعث نفسي الا طاعة الله تعالى وطلب غفرانه و ثوابه وتوفيقه واحسانه فهؤلاء ضرب الله مثلا في عملهم وانفاقهم بان الله يضاعف لهم الاجر والثواب مثلهم كمثل صاحب بستان او جنة غرست فوق ربوة عالية فارضها طيبة خصبة قد سقيت بماء غيث يسيل فيها او ندى ينزل عليها فيسقيها ويرفدها بالماء بقدر ما تحتاجه , قد رق نسيمها وحسن منظرها حيث يبهج النفس ويسرالخاطر اورقت اشجارها وازهرت بحيث التفت اشجارها على بعضها فازهرت اشجارها فامتلات ثمارا واعطت ثمارها ضعفين وجادت في اكلها وانتجت ثمرا طيبا كثيرا .
وكذلك الله تعالى يربي نفقات المؤمنين المخلصين ويزيد اجرهم وثوابهم ماداموا يطلبون فيها رضا الله تعالى . حيث يرى الله تعالى اعمالهم خالصة لوجهه تعالى ويعلم انهم ينفقونها في نية خالصة وقلب مطمئن بالايمان ونفس امتلات نورا وسعة وكذلك يضاعف الله تعالى الاجروالثواب للمؤمنين المخلصين . والله يضاعف لمن يشاء وهو ارحم الراحمين .
الله تعالى اعلم
************************
8
بســـــــــــم الله الرحمن الرحيم
( أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ من نخيل واعناب تجري من تحتها الانهار له فيها من كل الثمرات واصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فاصابها اعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الايات لعلكم تتفكرون* )
سورة البقرة من الآيات \ 266
الحمد لله :
وضرب الله تعالى مثلا في الذين ينفقون اموالهم رياءا او يعملون الخير لكنهم يختمون اعمالهم باعمال سيئة فلقد حرمهم الله ثواب نفقة اموالهم التي انفقوها فهم لا يثابون على انفاقهم اموالهم يوم القيامة ولا يستطيعون مردا لما فات, فيبقون في حسرة وندم . فهم قد فعلوا الخير وعملوا عملا طيبا وانفقوا من ا موالهم الا ان احدهم سياتي يوم القيامة فلم يحصل على ثواب الانفاق ولا اجره لانه انفقه رياءً وتبعه بالمن او الاذى لمن انفق ماله اليهم او بالتفاخر والتظاهر بالانفاق ليقول الناس عليه منفقا وانسانا طيبا وقد مثل الله تعالى هؤلاء بصاحب بستان او جنة عامرة من نخيل مثمرة واعناب كثيرة ملتفة على بعضها واشجارمزدهرة مورقة ظلالها وارفة وثمارها كثيرة ويانعة وتسقى من انهار تمر في وسطها فتغدقها رواءً فتبهج النفس وتسر القلب وتروق رؤياها للناظرين . الا ان صاحبها ادركته الشيخوخة واصابه الكبر فلا يستطيع العمل فيها وجني ثمارها وله ذرية ضعافا لكونهم صغارا لا يتمكنون من ادارة هذه البستان او المزرعة وكانت معيشتهم من هذه البستان ومما تدر عليهم من خير الا انها هبت عليها ريح عاصف تحمل رعدا قاصفا وبرقا خاطفا فالتهبت النار فيها فاحرقتها . وليس لصاحبها القدرة على اعادة غراسها او احد من اولاده الصغار ان يفعل ذلك لصغر سنه وعدم قدرتهم على العمل الجاد .واندثر النهرالذي يرويها فماتت اشجارها فانتهت واصبحت خاوية على عروشها واصبحت اشجارها وما فيها اثرا بعد عين .
وهكذا تزال النعمة من الناس ممن لا يستحقونها ويجحدونها
وفي هذا ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال:
(ان هذا مثل ضربه الله للمرائين بالاعمال يبطل ثوابهم يوم القيامة وهم في اشد الحاجة اليه كمثل شيخ كبير كان له بستان فيه من كل الثمرات وله صبية صغارمحاويج لايقدرون على عمل او كسب فاصاب البستان ريح عاصف فيه نار احرقت اشجاره واذهبت اثماره في وقت لا يستطيع فيه العمل ولا يقدر صبيته على الكسب فيندم ولا يفيده الندم )
والله تعالى اعلم
*************************
القسم السابع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق