الامثال في القران الكريم كتاب جديد قيد الطبع
.
بقلم .: د. فالح الكيـــــــــــلاني
.
القسم السادس
الامثال في ســــــــــــــورة البقـــــــرة
4
بســـــــــــم الله الرحمن الرحيم
( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ )
سورة البقرة :الآية \171
الحمد لله :
شبه الله تعالى الكافرين والجانحين عن الحق الذين قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه ابائنا ونعمل مثل عمل الاباء والاجداد الذي وجدناهم يعملونه مثل هؤلاء المعاندين مثل الذي يدعوهم الى الهدى او الايمان الذي فيه منفعتهم وصلاحيهم وهدايتهم الى الطريق السوي ’ فلا يستجيبون دعوته
ولا يتدبرون امره وارشاده فدعوته اشبه او مثل من يصيح في قطيع من الابل النافرة او الجمال الهائجة فيدعوها بصوته الى موطنها او معاطنها لتنعم بما هيأه اصحابها لها من طعام وشراب فانها لا تستجيب له لانها تسمع الصوت ولا تفهم ما يراد منها لانها لا تعرف مغزى القول فصوته يصل الى اسماعها لكنها لا تفهم ولا تعي ما يراد منها .
فللكافرين آذان ولكنهم لا يسمعون بها او يسمعون لكن لا يعون ما يسمعون . ولهم ألسنة ولكن لا ينطقون بها عن علم واعتقاد ولهم اعين ولكن لا يبصرون بها آثار رحمة الله والائه ولهم عقول ولكن لا يعقلون بها ولا يسخرونها في معرفة الله تعالى فهم اشبه بالانعام بل هم اضل منها .
فمثل هؤلاء الكافرين فيما هم فيه من الغي والضلال والجهل كالدواب السارحة في مرعاها والتي لا تفقه ما يقال لها فإذا نعق بها صاحبها او الموكل برعايتها او دعاها إلى الافضل و ما يرشدها فيه لا تفقه مما يقول شيئا ولا تفهم قوله رغم انها تسمع صوته.
وقيل ايضا إنما هذا المثل ضرب لهم في دعوتهم الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل شيئا فهم يدعونها لكنها لا تسمع ولا تعي ولا تبصر او تعقل . لأن الأصنام لا تسمع شيئا ولا تعقله ولا تبصره ولا تتحرك لتبطش به فلا حياة فيها فهي خالية من حياة .
وقول الله تعالى ( صم بكم عمي) تعني انهم صم عن سماع الحق. وبكم لا يتكلمون ولا يتفوهون بكلام نافع او مبين .وعمي عن رؤية الحق وطريقه فهم لا يعقلون شيئا ولا يبصرون ولا يفهمونه ابدا .
كما قال تعالى :
( والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ).
سورة الانعام : الاية \19
والله تعالى اعلم
5
بســـــــــــم الله الرحمن الرحيم
( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) .
سورة البقرة الآية \261
الحمد لله :
ضرب الله تعالى مثلا في الذين ينفقون اموالهم في وجوه الخير والبر كالجهاد في سبيل الله اواطعام اليتامى والمساكين او منح المحتاجين او كسوتهم او اسعاف المحتاجين من الفقراء او تمريضهم او علاجهم او تعليم من لم يتعلم اوعمل أي عمل للخير كفتح المدارس او بناء جسر او قنطرة او المساهمة في تاليف كتاب في العلم او الثقافة او التشريع او المشاركة في طبعه وتوزيعه او في أي وجه من وجوه الخيرالكثيرة فهؤلاء يبارك الله تعالى في اموالهم ويضاعف لهم الاجر والثواب اضعافا مضاعفة .
فهذه الاموال مثلها كمثل من بذر حبوبا فغرسها او يزرع حبة في ارض طيبة ويتعهدها بالرعاية والسقي فانبتت سيقانا قوية وتفرعت او تشطأت الى سبعة شعب انبتت كل شعبة سنبلة واحدة فيها مائة حبة فكانت هذه النبتة قد انبتت سبع سنابل ,وفي كل سنبلة مئة حبة أي ان الحبة الواحدة تضاعفت الى سبعمائة حبة .
وهكذا يضاعف الله تعالى ويزيد الاجر والثواب اضعافا كثيرة لمن يشاء من عباده المنفقين او المتصدقين . وفضل الله ليس له حدود ويتفضل على من ينفق او يزيد فضلا افضالا كثيرة .
والله تعالى عليم بنية المنفقين وبما ينفقون وبطريق الكسب الحلال فيثيب المنفقين القاصدين بانفاقهم الاجر والثواب وابتغاء مرضاة الله .
وهذا المثل ضربه الله تعالى لمضاعفة الاجر والثواب لمن أنفق في سبيله وابتغاء مرضاته حيث ان الله تعالى يضاعف الحسنة بعشر أمثالها حتى تصل إلى سبعمائة ضعف .
فقال الله تعالى :
( من جاء بالحسنة فله عشر امثالها )
سورة الانعام الاية \ 159
أي ان طاعة الله ومنها اوجه الانفاق المختلفة وتعني به الإنفاق في الجهاد من رباط الخيل وإعداد السلاح وغير ذلك مثل الجهاد والحج يضاعف الدرهم فيهما إلى سبعمائة ضعف ولهذا قال الله تعالى :
( كـمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة)
وهذا المثل أبلغ في النفوس واشد اثرا من ذكر عدد السبعمائة فنلاحظ إن فيه إشارة إلى أن الأعمال الصالحة حيث ينميها الله تعالى لأصحابها كما ينمي الزرع لمن بذره في الأرض الطيبة .
وقيل ان سبب نزول هذه الايات ان رسول الله الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم عندما اراد الخروج الى غزوة ( تبوك ) جاءه عبد الرحمن بن عوف باربعة الاف وقال له :
- يارسول الله كانت عندي ثمانية الاف ابقيت لي ولعيالي اربعة الاف واربعة الاف اقرضتها الى ربي .
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
- ( بارك الله لك فيما امسكت وفيما اعطيت )
وقال عثمان بن عفان :
- يارسول الله علي جهاز من لاجهاز له في هذه الحملة .
فجهز عثمان رضي الله عنه الجيش الذاهب للقتال في ( تبوك) بالف بعير مع اقتابها واحلا سها وسمي الجيش الذاهب الى غزوة ( تبوك ) ب( جيش العسرة ). لان النبي صلى الله عليه وسلم ندب الناس للقتال في شدة الصيف والحر وكان الوقت بداية نضوج الثمر وطيب الوقت والظلال فتعسر ذلك وشق عليهم امر الحملة .
ولم يكتف عثمان رضي الله عنه بذلك بل جاء بالف دينار وصبها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخذ يدخل يده فيها ويقلبها وهي في حجره و يقول :
- ( ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم .اللهم لا ننسى هذا اليوم لعثمان )
وقيل نزل فيهما قول الله تعالى :
( الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما انفقوا مناً ولا اذى لهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون * )
سورة البقرة الاية\ 262
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــع
امير البيـــــــــــــان العربي
د . فالح نصيف الحجية الكيلاني
العغراق - ديالى - بلــــــد روز
***************************************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق