قراءة نقدية ل قصيدة "لوعة مشتاق" للدكتور علي أحمد أبو رفيع بقلم د. سما سامي بغدادي .
.....................................
القصيدة
............
لوعة مشتاق
___________
حزنٌ يفتك بالقلب من ألمِ النوى
وصدري شق من لهب الجوى
وشوقي قد أصبح يقطع مهجتي
وأنا الذي امسى واصبح بالهجر اكتوى
ويح قلبي أيظلُ دون نبضٍ ميتاً
وهي الحياة لنبض قلبي والدّوا
أأخدع نفسي وأهوى غيرها
كذِباً وبئسَ الخداع من حرف الهوى
وفي كلّ ليل يسري خيالي نحوها
وفؤادي كم تحدث عنها كم روى
ياهل ترى سأبلغ غايتي
أم أنني سأهوي مثل نجمٍ قد هَوَى
أتُرى نلتقي في سبيل الحب يوما
وبالوصل ننسى به ألم النوى
لن أشرب الماء و أرتوي
والقلب من بحر الحبيبةِ ما أرتوى
حدسي بلقياها قريب، موقنٌ
إن حدسي ماتعدى بذلك أو غوى
كم الليالي تطوى في الحياة كلحظةٍ
والحب في فؤادي عصى ما انطوى
وقطعت وعد أن أعيش بقربها
حتي وإن ذهبت تعيش بنينوى
:: _________٢٠٢٤/١٠/١٢
بقلم : علي أحمد أبورفيع
(ابن الباديه أبورفيع)
روحية النص والمعاني الوجدانية
............................................
لطالما كان الشاعر المبدع علي أحمد أبو رفيع يبهرنا بهذا الفيض المفرط من المعاني الوجدانية النقية الشفافة المرسومة بأتقان ضمن توصيفات شعرية شجية ومعبرة ، تأخذنا الى عالم خيالي مليء بالشعور المترف المخملي النقي ، والعذري ، ويعيد للشعور معاني الجلال والقدسية، ويشرق في إضاءآت نورانية تزهو بمعاني الشعور الانساني وفق رؤية روحية ، إبداعية عميقة ومؤثرة في الوجداني الانساني ، واليوم نقف عندقصيدة الشاعر المبدع ، ونسمو مع معاني التوصيفات الى عالم مليء بالمحبة والنقاء حيث
تتناول القصيدة مشاعر الشوق والألم الناتج عن الفراق، مما يعكس عمق التجربة الإنسانية وشعور الذات بذلك الوجع الذي يملأها لفراق الاحبة حيث تتجلى . الروح الشعرية في تصوير الحزن والوحدة ، بشكل مكثف، مما يجعل القارئ جزء من تلك الصور الشعرية التي تفيض عذوبة ويشارك شعور الافتقار والحنين.
المعاني الروحية في القصيدة
......................................
تتجلى المعاني الروحية في قصيدة "لوعة مشتاق" من خلال التعبير عن مشاعر الشوق والفراق. يتمركز النص حول الألم الناتج عن غياب الحبيب، مما يعكس حالة من الصراع الداخلي بين الأمل واليأس. تبرز الروحانية من خلال تصوير الحب كقوة حيوية تُنعش القلب، حيث يُظهر الشاعر كيف أن الفراق يُميت هذه الحيوية. كما يعكس النص عمق الارتباط الروحي بالحبيبة، مما يجعل الحب تجربة تتجاوز الماديات إلى حالة من السمو الروحي.
المحسنات اللفظية في القصيدة
........... ...................... ......
يتناول الشاعر مجموعة من المحسنات اللفظية والبديعية لقاموس ابداعي ثري المعاني والصور يلتقط بتلات الشعور النقي من فصوص اللغة العربية الثرية لتعزيز جمال النص. تبرز الجناس والطباق، مثل "أكتوى" و"هوا" لتعميق المعاني، كما تساهم التكرارات والموسيقى الداخلية المنسابة، المنسجمة المتدرجة ، في إظهار قوة المشاعر المتجسدة. و تُضفي لمسة جمالية على النص، مما يخلق تآلفًا بين الكلمات والمشاعر يشد القارئ ويأسره بالشغف
البنية الداخلية
.....................
تتسم البنية الداخلية للنص بالتنظيم الواضح، حيث يُقسم إلى مقاطع تحمل تتابعًا منطقيًا من الألم، إلى الأمل. كل مقطع يُعبر عن رؤية روحية شفافة وعميقة ، مما يُضفي تنوعًا على التجربة الشعرية. تُظهر النقاط المتباينة، بين الألم والشوق والمعاناة والنظر إلى المستقبل، مما يعكس الصراع الداخلي الذي تعيشه الذات الانسانية في حال الفراق والحنين ، وقد تناول الشاعر تلك الرؤية الاصولية بالتعبير عن الشعور الانساني كي يكسبه لمحة من لمحات القداسة ويضفي على النص ملامح جمالية جذابة تأسر القارئ وتخلد في ذاكرتهِ
الموسيقى الداخلية
..........................
تُعتبر الموسيقى الداخلية عنصرًا هامًا في النص، حيث تتجلى الإيقاعات والأوزان في تكرار الأصوات والتراكيب. تُعزز القوافي المشاعر، وتخلق تدفقًا سلسًا يُسهل على القارئ تذوق المعاني. الألفاظ المُختارة بعناية تضفي على النص إيقاعًا لحنًا يعكس الشعور الانساني المترف العفيف والعذري ويعيد رسم معالم الذات ضمن رؤية ابداعيه تحث على النقاء وابمحبة والسلام
ومن هنا نجد النص ، يعكس عمق التجربة الوجدانية للذات الانسانية ، حيث ينجح في احترافية الانتقاء للمفردة ممايعزز بناء المحسنات اللفظية داخل البيت الشعري ، وخلق بنية داخلية متماسكة، وموسيقى شعرية متناغمة ، لإيصال مشاعر الشوق والألم بطريقة مؤثرة. تُعتبر هذه العناصر مجتمعةً سببًا في قدرة النص على التواصل مع القارئ وإشعال فتيل التأمل في تجارب الحب والفراق.
تتسم البنية الداخلية بالنظام والترتيب، حيث تُقسم المشاعر إلى مقاطع تحمل أفكارًا متتابعة. يبدأ النص بالحديث عن الألم والشوق، ثم ينتقل إلى التردد والخداع، وينتهي بالتساؤلات حول الأمل في اللقاء. كل مقطع يُعبّر عن مرحلة مختلفة من الصراع النفسي، مما يُظهر تطور وتنامي دارمي للمشاعر بشكل تدريجي.
تسهم هذه البنية في إبراز الصراع الداخلي للذات الانسانية ، مما يُعطي النص عمقًا ويُساعد القارئ على فهم التحولات النفسية التي يمر بها. واستخدام السؤال في النهاية يعكس حالة التوتر والتساؤل عن المستقبل، مما يُبقي القارئ متفاعلًا مع النص
رمزية النص
تتسم قصيدة "لوعة مشتاق" بالرمزية العميقة، حيث يمثل الشوق والألم تجسيدًا للحنين إلى الحبيب. حيث يتناول مفردات مثل "النوى" و"الفراق" كرمزين أساسيين يعكسان حالة الفقد، في حين أن "النجم" الذي يهوي يرمز إلى الأمل الضائع والمشاعر المتلاعبة. تمثل "الحبيبة" الجانب الروحي والمثالي للحب، بينما تشير الألفاظ الأخرى إلى المعاناة الناتجة عن الفراق، مما يُعمق التجربة الوجدانية.
تجمع الرمزية والبنية الداخلية في نص "لوعة مشتاق" لتخلق تجربة شعرية غنية وعميقة، تُبرز مشاعر الشوق والألم بطريقة مُعبرة، مما يعكس تجارب الحب والفراق بشكل مؤثر.
قراءة الشجن في القصيدة
الشجن هو العنصر الأساسي في القصيدة، حيث يُعبر عن الألم المستمر والشوق الحارق. يبدأ الشاعر بالتعبير عن مشاعر الفراق في سطور قوية تحمل طابع الحزن، مثل "حزنٌ يفتك بالقلب" و"وأنا الذي أمسى واصبح بالهجر اكتوى". هذه العبارات تنقل إحساس الفقد بشكل ملموس.
تتداخل مشاعر الشجن مع الأمل في اللقاء، كما يظهر في التساؤلات عن إمكانية استعادة الحب. تُعبر هذه التناقضات عن عمق التجربة الإنسانية، حيث يتمسك الشاعر بالأمل رغم الألم، مما يُضفي طابعًا مؤثرا مليء بالوجع ومعبر عن الالم الانساني الذي يعتري المرء بالفراق .
ملامح الشجن
1. اللغة المكثفة: يتناول الشاعر لغة غنية بالمجازات والتشبيهات، مما يعزز شعور الشجن. العبارات مثل "صدري شق من لهب الجوى" تضيف بُعدًا دراميًا للمشاعر.
2. التكرار: تكرار بعض الكلمات مثل "أهوي" و"نبض" يُعزز من عمق المشاعر ويجعل الشجن أكثر وضوحًا.
3. التساؤلات: استخدام التساؤلات يعكس عدم اليقين والتوق، مما يُضفي طابعًا حزينًا مؤثرا على القصيدة ، كالتساؤل عن اللقاء: "أتُرى نلتقي في سبيل الحب يوما؟".
الخاتمة والهدف العام
.............................
تُعد قصيدة "لوعة مشتاق" من القصائد المؤثرة التي تخلد في ذاكرة المتلقي كي يكون جزء من ذلك الشعور النقي المترف ولحضات الحنين من الاحبة ، ويعزز ملامح المعاني الروحية وملامح الشجن حيث تعد هذهِ العناصر من العناصر الأساسية التي تُغني ذائقة المتلقي المتذوق للقصائد العربية الاصيلة ، وتطرب مسامعه وتحقق الهدف المرجومن كتابة نص ادبي متكامل اباركان والابعاد الروحية ، واللغوية والجمالية ومعاني وعمق المضمون ، حيث تجسد مشاعر الحب والفراق بطريقة مؤثرة وعميقة. تساهم هذه العناصر في خلق تجربة شعرية تُعبر عن التعقيدات الوجدانية المرتبطة بالعلاقات الإنسانيةبشكل يخلد في ذاكرة المتلقي الذي يتوضأ بذلك الفيض الابداعي المبهر بوركت اناملكم دكتور وامنياتي لكم بالتوفيق ان شاء الله . كل التقدير
د. سما سامي بغدادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق