خاطرة ُ الصباح : 20/03/2022 :
قبسات ٌ من نور ٍ(مكانة ُ رسولِنا الكريم صلى الله عليه وسلم في قلوبنا):
الائتمار بأوامِرِ النبي صلى الله عليه وسلم والانتهاء وتجنبِ نواهيه(2) : بحث بقلم ِ:حسين نصر الدين .
وهكذا إذا جاء ما يدل على أن النهي ليس للتحريم جاز، مثل : النهي عن الشرب قائمًا ، ثم شرب قائمًا ؛ دلَّ على أن الشرب قائمًا ليس بحرامٍ فقط مكروه ، أو تركه أفضل ؛ لأنَّ الرسول ﷺ شرب قائمًا ، فدلَّ على أنه ليس بمحرمٍ ؛ إذ لو كان محرَّمًا ما فعله عليه الصلاة والسلام . وهكذا أمر بالقيام عند رؤية الجنازة ، ثم قعد في بعض الأحيان ؛ فدلَّ على أنَّ القيام لها غير واجبٍ ، إن قام فهو أفضل ، وإن جلس فلا بأس ، ونظائر هذا .
فالحاصل أنَّ الأمر يدل على الوجوب إلا إذا دلَّ دليلٌ على الاستحباب ، والنَّهي للتَّحريم إلا إذا دلَّ الدليلُ على أنه ليس للتحريم ، بل للكراهة ، أو ترك الأولى ، والأصل في المحرمات المنع إلا للضَّرورة : وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ الأنعام:119 ، والأصل في الواجبات الامتثال إلا عند العجز: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ التغابن:16 ، صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنبٍ .
وفي التَّحذير من الاختلاف ، وأن الاختلاف سببُ شرعيٌ ؛ فإنه أهلك مَن كان قبلنا كثرةُ مسائلهم واختلافُهم ، يجب على المؤمن أن يكون حريصًا على الحقِّ ، طالبًا للحقِّ ، وأن يحذر كثرة المسائل التي يحصل بها التَّشويش والتباس الأمور والوسوسة ، يسأل عمَّا أهمه ، وعما تدعو الحاجة إليه ، ويكف التَّعنت في الأسئلة التي قد تجره إلى الشبهة ، أو تجره إلى الردة ، أو تجره إلى الشرك في الدين ، أو تجره إلى الشحناء والعداوة بينه وبين إخوانه، بل يتحرى السؤالات التي يحتاج إليها، ويتحرى الإنصاف في سؤاله، والقصد الطيب في سؤاله، ويحذر النزاع والخلاف، وهكذا كل واحدٍ؛ فإن النزاع والخلاف بين المسلمين يُفضي إلى شرٍّ: إنما هلك مَن كان قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم ؛ ولهذا ذمَّ الله الاختلافَ فقال (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) هود:118- 119 ، فأهل الرحمة هم أهل الجماعة . فالاختلاف يجب الحذر منه ، إلا لما لا بدَّ منه عند اختلاف الاجتهاد وخفاء الدليل ؛ فقد يظهر لهذا قول ، ولهذا قول ، لكن مع الإنصاف ، ومع تحري الحق ، ومع عدم الظلم في النزاع ، كل يُبدي ما لديه من الأدلة الشرعية مع الإنصاف ، ومع الحلم ، ومع عدم سوء القول ، هكذا المؤمنون إذا تنازعوا كل واحدٍ يُنصف أخاه ، ويتحرى الحقَّ من دون تعنتٍ في الكلام أو سُوء أدبٍ مع أخيه ، فيُفضي ذلك إلى الشَّحناء والعداوة: فإنما أهلك مَن كان قبلكم كثرةُ مسائلهم واختلافُهم على أنبيائهم . وللحديثِ بقية ٌ إذا كانَ في العمر بقية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق