بكل فخر واعتزاز ومع جزيل شكري وتقديري وجل احترامي وصلني هذا العمل الرائع من الأديب الكبير الأخ نبيل نجم Nabeel Najim m حيث قام بشرح هذه القصيدة ونثر حروفها زهور تفوح ورسمها لوحة بديعة تأخذ القارىء إلى عالم الجمال ليرى بدعة الخالق سبحانه وتعالى.
من ديوان( أقلامي وآلامي.2 )يد الفلاح.
سحرُ النفوسِ ومنعشُ الأرواحِ
حقلٌ تزينُهُ يدُ الفلاحِ
حلوٌ ملونُ مثلُ خاطرةِ المُنى
متبسمُ الغدواتِ والأصباحِ
فيهِ الجمالُ مصورٌ لمْ تُخْفِهِ
دنيا الأسى ومرارةُ الأتراحِ
حيثُ الطبيعةُ في أرقِّ فصولِها
دوماً تجودُ بجلوةِ الأفراحِ
وشّى الربيعُ لها روائعَ حسنِها
فبدتْ بمشرقِ لونِها الوضاحِ
رقَّتْ حواشيها فكلُّ خميلةٍ
تزهو بلونٍ فاتِنٍ لمَّاحِ
نثرتْ على تلكَ الرُّبى ما شاقَها
مِنْ نرجسٍ وبنفسجٍ وأقاحِ
هذا يلوحُ بثغرِ ضاحكةِ الصِّبا
ويفوحُ منهُ بعاطرٍ نفَّاحِ
وكأنَّ سِلسَالَ الجداولِ حولَها
سحرٌ يفيضُ على خدودِ مِلاحِ
رقصَ الغديرُ لها وراحَ مصفقاً
ينسابُ بينَ خمائلٍ وبطاحِ
وعلى جوانبِها الغصونُ تمايلتْ
تختالُ بينَ الوردِ والتفاحِ
رفَّ النسيمُ على ذوائبِها ضُحىً
فاستقبلتْهُ بعطرِها الفَوَّاحِ
والأفقُ مثلُ صحيفةٍ قدْ حُبِّرتْ
بروائعِ الألوانِ والألواحِ
وعرائشٌ بينَ المروجِ تعانقتْ
أطرافُها وتزيَّنتْ بوشاحِ
وكأنَّها فوقَ التلالِ مطلّةٌ
خضرَ العمائمِ في مهبِّ رياحِ
والطيرُ تمرحُ في الرياضِ فلا ترى
إِلَّا جناحاً عالقاً بجناحِ
رقصتْ على العُشبِ النديِّ وصفقتْ
من حالمٍ ثملٍ وآخرَ صاحِ
تشدو فصَدَّاحٍ يرتِّلُ لحنَهُ
طرباً بجنبِ مرتلٍ صَدَّاحِ
والكرمُ ينشرُ في المروجِ ظلالَهُ
صبحاً ويطوي الليلَ في الأقداحِ
سكرانُ وهو السُكرُ فوقَ عروشِهِ
والراحُ فيهِ ومنهُ صفوُ الراحِ
هذي الطبيعةُ والمنى مجلوَّةٌ
فيها بكلِّ معطرٍ فيّاحِ
فيها جمالُ اللهِ شاعَ فليلُهُ
منهُ جمالُ الشمسِ كلَّ صباحِ
ماأفصحتْ بالحسنِ عنْ اسرارِها
إِلَّا لتُعجِزَنا عنْ الإفصاحِ.
مها يوسف نصر.
البحر الكامل
الطبيعة إبداع الرب ،،
فكان السحر والجمال صورة احتار فيها المخلوقين وأصابتهم الدهشة ،،، والدهشة أيضاَ ميزة يتحلى فيها الشعراء ،،،
ترافق ما يبدعون وما ينسجون من حبكات لقصائدهم ،،، تبعث على التأمل والذهاب بعيداَ حيث عالم الخيال للوصول إلى ذلك الجمال الملتحف بالدرر واللؤلؤ التي تصاغ منها الكلمات ، فتعطي أجمل المعاني بألوان تأخذ لب الناظر ،، فيرى جمال الخالق في التعبير والتصوير ، حيث يحلق معها إلهام الشاعر وخياله الذي لا حدود له ،،
وها هي شاعرة متميزة بالنظم العامودي ،، ومنفوقة بالشعر النبطي ،، تحلق في عالم اللغة وتبحر في اعماق بحوره ،، لتستنبط منها عالماَ جديداَ فيه من المثالية والرقي والسمو ما يأخذنا من الواقع الجميل إلى الفن الأجمل الذي يعطي للشكل والمضمون أنغاماً وألحاناً تُعزف على أوتار القلوب وبأسلوب خاص مميز .. تعودت الشاعرة اختياره ليكون مركبها الذي تتجول فيه بثقة حول الطبيعة كلها لترى سحراً جديداً يسير كما أشعة الشمس التي تخترق الفضاء لتلامس وتعانق إنسان الطبيعة ونَبتها وحيوانها وجمادها .... وكلها تنطق مأخوذة بجمال ما ترى ....
يد الفلاح التي تشق الأرض وتقلبها فتزيدها خصباً ،، ويأتمنُ ترابها الغالية بذار روحه ....
و ربُ الفلاح يتبنى بقدرته حياتها لتكون سحر النفوس ومنعش الأرواح ....
حقل تزينه يد الفلاح ... حلقت فوق الحقل بنور بصيرتها كما آلة التصوير ... لتلتقط الجمال بعدستها فتبثها للناظرين صوراَ لا أجمل ...
حلوة ملونة في وسط فردوس مترامي الأطراف كعروس جميلة بثوبها المرصع بالجواهر تبتسم ...
" حلوٌ ملونٌ مثل خاطرة المُنى ...
متبسمُ الغدواتِ والأصباحِ ...
يدٌ مباركة تحمل الفأس بسم الله لتقبل الأرض بعشق ... بهذه اليد وبهذا الفأس ...
تتزين البيئة بالأزهار وعطرها ....
تتجمل بالأشجار وثمارها ...
تأخذ رونقها لتمسي قطعة من الجنة ... يرتادها خلق الله من طيور تملأ فضاءها بأصوات تتراقص لها نجوم السماء .. فتمنحها من النور ما يكفي لتكتمل فيها سبل الحياة ..
نعم هذا السحر والجمال الذي تخلقه يد الفلاح بكرمها وطهارتها ..
" فيه الجمال مصورٌ لم تخفه ..
دنيا الأسى ومرارة الأتراح ..."
وهنا يزداد الجمال جمالاً .. يتدخل اليراعُ الذي أعطى للقلم الأحاسيس الراقية لتضيف لها من الواقع الذي كاد أن يحجب نور الشمس عن صفحات النفس المتألمة فتبرز الجمال بجمال .. وتقف حائلاً دون تمادي الأسى والمرارة فتصوب بإبداع هذا الشعور بتقديم صورة رسمتها بإتقان وبأحاسيس مرهفة ...
فهذا الأسى وهذا الآلم ... تأتي الطبيعة الجميلة والتي تزيدها جمالاً يد الفلاح العاشق ،،،
حيث الطبيعة في أرق فصولها ...
دوماً تجود بحلوة الأفراح ...
وشى الربيعُ لها روائع حسنها ...
فبدت بمشرق لونها الوضاح ...
ها هي شاعرة الربيع " مها يوسف نصر " وشاعرة الجمال والتفائل تقفز على أكتاف الفصول لتقول ... مهما امتد الليل إلا والنهار قادم بأنواره يجمل الحياة .. وجمالُ الحياة بين ساعاته ،، كما الربيع المتزين بالحلة الخضراء التي تنعكس خيالاَ في أحضان السماء تعانق نجومها والقمر ،،،
ويا لجمال تلك الصورة المبهرة ،،، لقطة بعدسة الروح بإطارٍ من الحس المرهف ،،،
رقَت حواشيها فكل خميلة ،،،
تزهو بلونٍ فاتنٍ لمَّاح ،،،
أزهار بكل الألوان والأشكال والأنواع ،،، منظر يُصَور من الأعلى بخيال يسمو بنقل الواقع من عالمه إلى عالم روحي آخر فيه الإبداع رمز كبير ومتميز ،،،
ربيع بين روابيه ما زين عُنق الطبيعة التي تقبل يد الفلاح ،،،
نثرت على تلك الربى ما شاقها ،،،
من بنفسج ونرجس وإقاح ،،،،
،،،
هذا يلوح بثغر ضاحكة الصبا ،،،
ويفوح منه بعاطر النفَّاح ،،،، ليملأ الفضاء فيستقبل الفراش والنحل والطيور ،، لترفرف هنا وهناك على الأزهار والأشجار ،،،
لا صوت إلَّا صوت الضحكات الملائكية التي تذهب الشاعرة ،، مها نصر ،، بحسها المرهف وروحها العاشقة للطبيعة ،، وجمال مُبدعها ،، وبديع عشق الأرض فأعطاها من دمه وعرقه وروحه لتصبح بفرح ،،،
وكأن سلسال الجداول حولها ،،،
سحرٌ يفيض على خدود مِلاحِ ،،،،
ما أجمل التشبيه وبلاغته وما اروع العين الني ترى خلف الجمالِ جمالا ،،،
وكأنها تخاطب القلم ،
ان اسعف فمي لأغني بلحن ،، الكامل ،، الكامل للجمال بجمال ،، وقد كان ،،
وراح الغدير يتراقص بنقاء وصفاء وراح مصفقاَ ،،
ينساب بين خمائل و بطاح ،،،
وعلى جوانبها الغصون تمايلت ،،،
تختال بين الورد والتفاح ،،،
رقَّ النسيم على ذوائبها ضُحىً ،،،
فأستقبلته بعطرها الفوَّاح ،،،
وها هو النسيم مع الضحى قادم بفرح كالنحل يأتي الزهر مزهواَ ، فيتراقص النسيم العليل الذي يحيِّ القلوب بهذا العطر الفوَّاح من قلب الزهر الذي رحبَّ بالنسيم واحتضنه بين أوراقه ليهديه للعشاق ومحبي الطبيعة ،،،،
كراقصة الباليه وعلى أطراف مشاعرها تتنقل الشاعرة بتميز ورشاقة من حديقة لأخرى ،، من عالم الزهر والعطر إلى عالم الكرمة والسعادة ،، كرم باركه الرب وباركته يد الفلاح ،،،
وعرائش بين المروج تعانقت ،،،
أطرافها وتزينت بوشاح ،،،
وكأنها فوق التلال مُطِلة ،،،
خضر العمائم في مهب رياح ،،،
ومن اسفل التلال تقف صاحبة القلم السامق وسيدة الأحاسيس المرهفة ،، لترسم أجمل لوحة ،، وتزين المكان بتشبيه أخَّاذ ،،،
ربط الطبيعة بجمال خيراتها ،، كروم خضراء بما ملكته الروح من إلهام وتقدير لا يوصف للعمائم ورمزيتها الروحانية العالية ،،، هذا الربط الذكي والحصيف ،،
وكأنها فوق التلال مطلة ،،
خضر العمائم في مهب رياح ،،، هذه الدلالة وهذا التشبيه يعطي صورة تدعو للتأمل ،،،
هذه الصورة الجميلة لم تتركها الشاعرة ، مها نصر ، دون ألوان وروائع ،،، فحلَّقت مع الطيور في السماء لتعطيهم حق التواجد في لوحتها الجميلة فزادتها جمالاَ ،،،
الطير تمرح في الرياض فلا ترى ،،،
إلَّا جناحاَ عالقاَ بجناح ،،،
رقصت على العشب الندِّي وصفقت ،،،
من حالمٍ ثملٍ وآخر صاح ،،،
تحلق مع الطيور هم يغردون ويشدون بأصواتهم الصدّاحة ،، وهي تغرد بحروفها لتشكل سمفونية موسيقية ، تعرضها وعلى المتلقي ان يقرأها أو يسمعها بأذنية وبصيرته ،، فتأخذه بسحرها وتلاوينها ،،،
طيور تجمعت فوق الأرض الخضراء ،، المتزينة بأزهارها وأشجارها ،،، وكل يشدو بصوته ويحلق مشدوداَ إلى ثوب الارض الأخضر ،،،
تشدو فصدَّاح يرتل لحنه ،،،
طرباَ بجنب مرتِّل صدَّاح ،،،
والكرم ينشر في المروج ظلاله ،،،
صبحاَ ويطوي الليل في الأقداح ،،،
ألا يسكر الفكر من عمق المعاني ،، ؟؟ ،،
ألا يسكر العاشق من جمال المعشوق ،، ؟؟ ،،
ألا يسكر العبد من جمال الخلَّاق في خَلقِه ،، ؟؟ ،،
ألا يسكر الطير من جمال الطبيعة ،، ؟؟ ،،
ألا يسكر الشاعر عندما تفيض في قلبه الأحاسيس ،، ؟؟ ،،
هذي الطبيعة والمنى مجلوة ،،،
فيها بكل معطر فيَّاح ،،،
وبعد هذه الجولة في ربوع الطبيعة ،، بين حدائق زهورها وبساتين تفاحها واجاصها ، وكروم عِنَبها ، وكلها غذاء للقلوب ومبعث للجمال ،،،
ها هي الشاعرة تعود من رحلة فيها بساط الريح مركبها ،، وبعينيها لوحة تزينت بخيرات الربيع وانفاس عشاق الأرض ،، وتحت راية ساريتها عانقت نجوم السماء ،، يَدُ الفلاح ،، لتقف بين يدي مبدع الطبيعة شاكرة حامدة ،، وهي المبدعة والمتميزة بنسج سطور قصائدها ،، فحَاكت بروحها الوطنَ والإنسانية والجمال والحب ،، شاعرة من الروح تستلهم الفكرة لترسلها شعاعاَ ينساب في القلوب كنسمات الصباح العليل ،،،
فيها جمال الله شاعَ فليله ،،،
منه جمال الشمس كل صباح ،،،
كل الجمال الذي استضافتنا معه المبدعة ،، مها نصر ،، وكل هذا السحر التي ارتنا إياه ببصائرنا وبصيرتنا ،، ترده بحنكة وإيمان إلى خالقه ومبدعه ،، الله ،، وعبد الله ذلك الفلاح الذي يعزف بفأسه ومنجله وأدوات عمله ،، لحن الحياة ليقدم السعادة إلى الناس،،،،،،
وما أفصحت بالحسن عن أسرارها ،،،
إلَّا لتعجزنا عن الإفصاح ،،،
نعم لا نستطيع ان نحصي مساحات الجمال الذي منحنا إياه رب الكون ،، ولكننا نستطيع أن نحمده على بديع ما أعطى ،،،
كما نقف تقديراَ أمام يد الفلاح المباركة التي تشق الأرض لتستخرج الجمال من قلبها ،، الحنون ،،،
كما استخرجت ،، مها نصر ،، المبدعة في تنسيق أزهار قصائدها ،، الدرر واللؤلؤ من بحرها الكامل الجميل ،، مدلل بحور الشعر وجميلها ،،،
كمل الجمال من البحور الكامل
شرح نقدي بقلم الأديب نبيل نجم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق