الثلاثاء، 8 فبراير 2022

" نصف محامية " قصة* بقلم الكاتبة الروائية // أمل شيخموس

 " نصف محامية "

قصة*
بقلم الكاتبة الروائية
أمل شيخموس // سوريا
* نصف محاميِّة . . !
ظلّها يبكي في الزّاوية بمرارة معاتباً روحَ والدتها :
- ماذا لو لم أتزوج ؟ ! ماذا لو بقيت مُتَرَمَّلةً ؟ ! ماذا ؟ ! !
الآن هل أنت سعيدة ؟ لقد قتلني صهركِ المسكين ؟! ! الذي كنتٍ تدافعين عنه ؟ ! قتلني بالسكين صهركِ المسكين ؟ !
ها أنا ذا في الزاوية قتيلة ظلي ينتحب يناجيكِ ماذا فعلتِ بي ؟ ! الطلاق أبغض الحلال عند الله تعالى لكنه خلاص لبعض الحالات المستعصية ؟؟ ! لقد أعلمتني يا أمي أنه حرامٌ حرام في شريعة قبيلتكم ! عَلِمتُ أنه حرام ! صمتُ عن الجرح الغائر ملحتهُ و ضمدتهُ كي ترتاح قبيلتكم ! ! حتى يبقى محياك أبْيَضَ ناصعاً و أبي مرفوع الهامة قرير العين و البال ابنته المقتولة منذ ثلاثين عام تنزف دون قطرة دم و لا قطرة احساس عندكم بها ! ! لأنها لا تتكلم !! لا تنبس؟ ! فالجواب محتوم ؟ ! كرامتكم بين الناس أغلى من روح الإبنة الجريحة ، قد أدركت تلك المغبونة أنكم بلا آذان صاغية ، فلقد رفعت الحجاب ذات ليلة و هي صغيرة عن رأس والدتها لتجدها بلا أذنين ! ! عندها تيقنت لماذا تناديها ولا أحد يستجيب ؟ ! تبكي وحدها كثيراً فوالدها أيضاً بلا أذنين اعتقدت أنه فقدهما في حادثٍ ما ؟ ! فهو لا يشبه آباء الآخرين لم تعلم أن أسرتها بالأكمل لا تمتلك آذاناً صاغية ، تنوه عن مطالبها و احتياجاتها ! بيد أنها لا من أحد يحس بها ؟ ! الشكوى جريمة يعاقب عليها قانون القبيلة ! الزواج عبودية أم عبادة ؟ ! مذ أن ارتبطت غدت عبدة لا صوت لها ؟ ! هذه القبيلة أصوات بناتها تحذف بموجب ذاك الارتباط الذي يدعونه مقدساً لحقوق الرجل فقط لا تدري ؟ ! أم الطرفين ؟ ! تقول :
- حسبنا الله ونعم الوكيل .
ظلها المرتجف في الزاوية المستدعي لروح الأم ، و آخر كلامٍ يطنُ في أذني القتيلة :
- نصفُ محامية و مسكين !
كانت عكس قانون بنات القبيلة لسانها لم ينتزع رغم احكام القبضة ، و محاولة قلعه أكثر من مرة ، لكن يبدو أنه نبت من جديد كان ينمو يدافع عن الحق ! ! ! بيد أنها أشتهرت بالصفة الرائجة " نصف محامية " و زوج مسكين ! يالَفَرْحتها زوج مسكينٌ . . ! ! ! رغم ما يفعله بها من انتهاكات يومية يسحب روحها بكلماته المؤذية للإحساس و الروح و النفس ، تشعر بالقتل و الموت كل دقيقة في كل موقف تبكي مفجوعة مما حدث لها ! ! منقطعة الأنفاس مكتومة مع هذا المسكين ! ! ! الذي أذيع صيته في البلاد بالمسكين و النصف محامية ، فقط نشرة الأخبار العامة للبلد لم تتعاطف معه فقط ! ياللرحمة ! قمة الأمل و الحياة الكريمة المبنية على المودة و التكافؤ هو حصولها على زوج ! كان قمة النصر في مجتمع القبيلة أما ولادتها لطفل ذكر كان قمة الإبهار و النجاح ! ! وماذا أيضاً ؟ !قوانين القبيلة كثيرة ، و هي نصف محامية ! صوتها المبحوح يغدو قوياً كالقنابل أو أشد وطأةً على الآذان إنّهم مرهفو الإحساسِ ، شديدو البأسِ على هذه المغبونة ، التي حولوها إلى وحش هكذا أذاعوا عنها الشائعات الملعونة أيُّ ملعونةٍ هي هذه الشائعات !
المثلُ الشعبي يقول :
- فوق حقه دقوا !
تماماً انطبق عليها هذا المثل تحملت المزيد حتى كان آخر اتصال قبل قتلها المؤبد يقول زوج أختها :
- اعتني بزوجك فهو مسكين !
ضحكت و قالت :
- و ما أدراك أنه كذلك !
قال واثقاً :
- الأمر واضح للعيان أنتِ نصفُ محامية و هو مسكين ! !
قالت :
- ألا تدافع عني !
رد مؤكداً :
- أنت قوية الشخصية لديك لسان و هو مسكين تحت رحمتك ! !
صمتت دون أن تكمل ! ! فالتهمة ملصقة بها مهما حاولت ، و هي محامية بينما هو مسكين مهما فعل المجتمع يشد على يديه !
قضى عليها هذا المسكين قتلها بالسكين و مازال المجتمع يهتف :
- النصف محامية قُتِلتْ بيد المسكين .
تنتحبُ في الزاوية ترتجف لابد لها من المغادرة لم يَتَبَقَّ لها شيءٌ هنا . . ! هي عازمة على الرحيل والدتها تراها ولا تسمع محال أن ينصتَ مَنْ لا يمتلكون الآذان الصاغية ! كانت حَيِّةً ، لكنّهم لم يستجيبوا لندائها
كيف بها ميتة ؟ ! ظلها المرتجف يناجيهم محال أن تسمع أصنام القبيلة سوى ما يلائم شريعتها ، فهي لا تسمع إلّا ما يحلو لها ، و تصمُّ آذانَها عمَّا سِوَاهُ . . رحل طيفها المرتجف :
حسبنا الله ونعم الوكيل !
- قتلني ، و لايزالون يُردِّدُونَ نصف محامية و مسكين !
هم يؤمنون فقط بما يودون رؤيته لا أحد ينقب عن الحقيقة ، في باطن كل إنسانٍ قصة أو ربما مجزرة من الألم لا يطلع على السرائر سوى رب العباد البصير بالمظاليم
الكاتبة الروائية
أمل شيخموس
قد تكون صورة لـ ‏نص مفاده '‏الروائية أمل شیخموس قصة‏'‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أجراس النذالة// بقلم الشاعر : علي أحمد أبورفيع

 أجراس النذالة قل وما آمنت يا أبا رفيع كرامة أردت ولم تجبك (إيماك) أمن الكرامةِ أن تُقبَّلَ أرجل عند (التوب) وينتفى الإحساسُ؟؟ كم منهم بالان...